العتمة الموحشة!

صورة تخيلية لثقب أسود

«قد تكون هناك ثقوب سوداء أصغر كثيراً، كانت قد تشكلت في الطور المبكر للكون. ويمكن لأحجام تلك الثقوب أن تكون أصغر من حجم نواة الذرة، لكن كتلتها يمكن أن تساوي مليارات الأطنان» هذا ما يقوله ستيفن هوكنغ في كتابه «الثقوب السوداء والأكوان الطفلة». لتصور ما يعنيه ثقب أسود، علينا أن نتأمل أنبوب المكنسة الكهربائية إذا ما دنى من كومة رمل، حيثُ تأخذ فوهة الأنبوب في ابتلاع كل ما يقع في نطاقه، تماماً كما تفعل الثقوب السوداء بكل شيء يتجاوز ما يسمى بـ «أفق الحدث».
تنشأ الثقوب السوداء بعد موت النجوم العملاقة، بمعنى أن ليس كل نجم في السماء مرشحٌ لأن يكون ثقباً، فالشمس مثلاً لن تتحول إلى ثقب أسود بعد موتها، ولو تخيلنا حدوث ذلك لكان حجمها الكبير جداً بالمقارنة لجميع الكواكب في مجموعتها، تقلص ليساوي ربع جسر الملك فهد الرابط بين البحرين والسعودية (6.5 كم)!
ولو قدر للأرض أن تكون ثقباً لأصبحت بمقدار بيضة عصفور، أو مقلة عين إنسان (1.8 سم)، دون أن تفقد لا هي ولا الشمس، ولا أي نجم يتحول إلى ثقب، شيئاً من وزنه الذي كان عليه! ليس موتاً هادئاً هو الموت الذي تتخذهُ النجوم العملاقة بعد شيخوختها، بل هو أشبه بالانتحاري الذي يفجر نفسه، مهلكاً كل ما حوله.. فبعد انفجارها يتحول كل شيء في متناولها إلى ذرات، وما دونها، حيثُ «تتحطم الذرات إلى إلكترونات وبروتونات ونيترونات، ومن ثم تُفتت تلك المكونات الدقيقة بدورها إلى كواركات ولبتونات وغلوونات... وهكذا إلى أن تصير أدق فأدق حجماً، وأكثر فأكثر كثافة، إلى أن.... الله وحده أعلم!» كما يعبر الكاتب العلمي مايكل فينكل.
وإذ ليس من الضروري إدراك ما تعنيه هذه الأسماء لإدراك تسلسلها المتجه للأصغر فالأصغر فالأصغر... هذا الجنوح للضآلة يشير إلى كثافة كبيرة، إذ تعتبر الثقوب من أكثر الأماكن كثافة في الكون، وذلك بسبب اضمحلال الفراغ في الذرة. أمر مشابه، مع اختلاف المقاييس، لما نقوم به، عندما نحاول ضغط أكبر كمية من الثياب في حقيبة، فكلما قمنا بضغطها بشكل أقوى، حصلنا على مساحات إضافية للمزيد! بالإضافة لذلك فان الثقوب السوداء التي تملأ الكون ومجراته، تتميز بجاذبية شديدة القوة، إذ يصعب على أي شيء الإفلات منها، حتى الضوء الذي يعد الأسرع في الكون.

صحيفة الأيام البحرينية،  20 سبتمبر 2014
http://www.alayam.com/Home/Article/90069#

 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"لوسي" وخرافة عقل الإنسان

العقل المتقدم والآخر المتحيون!