مستقبل العلوم العربية!

شعار مجلة نيتشر

لكلِ شيء مستقبل.. فما مستقبل العلوم في العالم العربي؟ ما مستقبل كل شيء في هذا الجزء من العالم الذي يعاني من كل شيء؟ يبدو ذلك تعميماً مبالغاً، إلا أن كثيراً من الأمور الدائرة حولنا لا نعرف اتجاهها. في عددها لهذا الشهر (أكتوبر) تطرح مجلة «نيشتر الطبعة العربية» ملفاً بعنوان «مستقبل العلوم في العالم العربي» بمشاركة مجموعة من الباحثين العرب، ويتطرق هذا الملف لعدد من القضايا العلمية ذات الصلة باقتصاد المعرفة كتعليم العلوم، والهندسة الوراثية، وأبحاث الطاقة، والطب الحيوي، وعلوم الفلك، وتحليل المياه.
في هذا المقال سأسلط الضوء على ابرز النقاط التي لفتت انتباهي في مقالات الملف، وأولها مقال بعنوان «نظرة إلى الواقع العلمي والتقني في العالم العربي» كتبه د. أحمد باشا، وهو في حقيقته كشف لما نحن عليه من حال متردٍ، بالرغم من التقدم البسيط الذي تحقق في الآونة الأخيرة في مجال العلوم، والذي ما زال عاجزاً عن ردم الفجوة المعرفية المتسعة بيننا وبين الدول العلمية المتقدمة.
ولنتخيل هذه الفجوة استعير إحصائية نقلها باشا، تشير إلى مقدار الضآلة في مجال الإنتاج العلمي العربي المقدرة بـ 0.6% من الإنتاج العلمي العالمي! كم هذه النسبة قزمة، وبلهاء كذلك! ولا تختلف عنها كثيراً النسب الأخرى المتعلقة بهذا الشأن، كمقدار إنفاقنا على البحث العلمي، بالرغم من عدم وجود المعوقات المادية التي تقف عائقاً أمام دولنا التي تغفل عن كون «مستقبل العلم في العالم العربي متوقف على ما يجب أن تتخذه هذه الدول من خطوات فعالة وسريعة – فكرية، وعلمية- إذا كانت تريد إحراز قصب السبق والتميز العالمي. وأولى هذه الخطوات أن تؤمن بدور العلم والتقنية في صنع التقدم» كما يقول باشا.
إلى جانب ذلك تحدث د.قاسم زكي في مقاله عن آمال الهندسة الوراثية والتقنيات الحيوية، وأشار إلى العديد من العوائق والتحديات التي تواجهها، ومنها «الجدل الواسع حول التعديل الوراثي، فقد يحسب البعض أنه تدخل وتغيير في خلق الله» وهذا الجدال لا يتعلق بالهندسة الوراثية وحدها كما أعتقد، وإنما بالكثير من الأمور المستجدة التي تتطلب استيعاباً متخصصاً من قبل المشرعين!
أما د. نظال قسوم فقد تطرق إلى مستقبل علم الفلك منتقداً فقر الوطن العربي لأبسط الضروريات التي يعتمد عليها هذا العلم، كالمراصد الفلكية «لا يوجد في العالم العربي بأكمله مرصد فلكي يحتوي تليسكوباً بقطر يزيد على متر واحد، سوى مرصد القطامية بمصر، الذي لا ينتج سوى القليل جداً من الأبحاث القابلة للنشر» على الرغم امتلاك العالم العربي لكل المقومات التي تستطيع فعل ذلك والمزيد!
ويختتم الملف بمقال «تعليم علمي يستحق العناء» للدكتورة رنا دجاني، انتقدت فيه أساليب التعلم القائمة على التلقين، داعية إلى ضرورة تغيير مناهج تعليم العلوم، وإشاعة التفكير الحر، تقول «إن إيجاد بيئة مواتية للتفكير الحر هو جوهر مستقبل تعليم العلوم في الشرق الأوسط» وهذا الجوهر لا ينحصر على مستقبل تعلم العلوم برأيي، وإنما يعم مستقبلنا على مختلف الأصعدة، ولهذا يجب أن يكون ابتدائياً، أي هو الأول قبل كل التلقينات والتعليمات التي نتلقها طوال حياتنا... وعليه يتحدد شكل مستقبلنا في العلوم وغيرها من المجالات المختلفة.
يبقى أن نتساءل هل تلتفت الدول العربية إلى هذا المستقبل؟ مصر، السعودية، الأمارات، والأردن، أسماء ترددت كثيراً في الحديث عن التقدم العلمي في العالم العربي.. لكن ماذا عن باقي البلدان العربية؟ ماذا عنا نحنُ في البحرين؟

صحيفة الأيام البحرينية، 4 أكتوبر 2014
http://www.alayam.com/Home/Article/90216

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العتمة الموحشة!

"لوسي" وخرافة عقل الإنسان

العقل المتقدم والآخر المتحيون!