جدار جديرٌ بالاحترام!

جدار جديرٌ بالاحترام!
أطرافُ الليل المرحة تزهرُ مسراي بجوار جدارٍ قديم، قدم الحضارات المتتالية في بلادي!
نقشهُ متعدد الانتماءات، سومري، بابلي، جاهلي، عربي، إسلامي...لا نستطيعُ أن نقصيهِ عن حضارة من الحضارات...كان مزيناً بمصابيح خافتة الاصفرار...
ليلاً مشيتُ وظلي يلفُ يدهُ بيدي. كلما ابتسمتُ إليه، ابتسم لي... كلما صمتُ عنه، تحدث لي عن الضوء!
يرتدي الثياب السوداء، يشبهُني وإن كنتُ لا أشبههُ كثيراً!
ساعات.مسافةُ السير على طول هذا الجدار، ودقائقٌ هي المسافات مع الظل...خطوةٌ أولى تعادلُ خطواتٍ متعبة لشخصٍ يعاديه الوقت!
انتصف الجدار وانتهى الوقت ليلاً.لكن ظلي بقي معي حتى العودة للجدار.
أيقظني وقد شارفت الشمسُ على المغيب، إلى الجدار الواحد بتنوعاته الصامدة طوال القرون... زرني أو خذني إلى رحلةٍ بعبق التاريخ.تعزز فيّ روح الوحدة والالتحام، مهما تعددت مكوناتي وفئاتي.
وبنبرةٍ عسكرية قال:إلى الجدار سر!
ما سرُ هذا الجدار الذي يقلب ليلي نهاراً؟
بدأنا من حيثُ انتهينا، وأكملنا مسرانا إلى آخر الجدار، ثم جلسنا عند النهاية نتحدثُ عن الإنسان.
قال "الظل":كائنٌ ليس يشبهُني...وإن كنتُ أشبهه، يمتاز بمشاعره وعواطفه، بحزنه وفرحه، ببكائه وندائه، بِاؤنسهِ وبِنقائض لا تعد...
الإنسان كائنٌ متنوع، منهُ من يُفرق ويفترق، ومنهُ من يوحد ويتوحد سعياً للكمال.أما الأول فيعتقد بكماله وهو - وإن توحد مع نفسه- فإنهُ إلى نقائصهِ يسير في ليلٍ ديجورٍ لا يبصرُ فيه جادة توصلهُ إلى النهاية!
لم أُعقب على كلام ظلي، واكتفيتُ بالصمت والنظر لهذا الجدار الصامت:كيف استطاع أن يوحد نفسهُ بكل هذه المكونات، دون أن يتخلى عن شيء من نقوشه؟ مستغرباً من عاقلٍ "عقل الإنسان" يعجزُ عن ذلك!
أهو العقل؟ قلتُ ذلك في نفسي، وأجابني ظلي:لا أعلم.
وأنا كذلك لا أعلم كيف سمع ظلي حواري مع نفسي؟
السيد أحمد رضا حسن
نُشرت في صحيفة الوسط البحرينية...
أطرافُ الليل المرحة تزهرُ مسراي بجوار جدارٍ قديم، قدم الحضارات المتتالية في بلادي!
نقشهُ متعدد الانتماءات، سومري، بابلي، جاهلي، عربي، إسلامي...لا نستطيعُ أن نقصيهِ عن حضارة من الحضارات...كان مزيناً بمصابيح خافتة الاصفرار...
ليلاً مشيتُ وظلي يلفُ يدهُ بيدي. كلما ابتسمتُ إليه، ابتسم لي... كلما صمتُ عنه، تحدث لي عن الضوء!
يرتدي الثياب السوداء، يشبهُني وإن كنتُ لا أشبههُ كثيراً!
ساعات.مسافةُ السير على طول هذا الجدار، ودقائقٌ هي المسافات مع الظل...خطوةٌ أولى تعادلُ خطواتٍ متعبة لشخصٍ يعاديه الوقت!
انتصف الجدار وانتهى الوقت ليلاً.لكن ظلي بقي معي حتى العودة للجدار.
أيقظني وقد شارفت الشمسُ على المغيب، إلى الجدار الواحد بتنوعاته الصامدة طوال القرون... زرني أو خذني إلى رحلةٍ بعبق التاريخ.تعزز فيّ روح الوحدة والالتحام، مهما تعددت مكوناتي وفئاتي.
وبنبرةٍ عسكرية قال:إلى الجدار سر!
ما سرُ هذا الجدار الذي يقلب ليلي نهاراً؟
بدأنا من حيثُ انتهينا، وأكملنا مسرانا إلى آخر الجدار، ثم جلسنا عند النهاية نتحدثُ عن الإنسان.
قال "الظل":كائنٌ ليس يشبهُني...وإن كنتُ أشبهه، يمتاز بمشاعره وعواطفه، بحزنه وفرحه، ببكائه وندائه، بِاؤنسهِ وبِنقائض لا تعد...
الإنسان كائنٌ متنوع، منهُ من يُفرق ويفترق، ومنهُ من يوحد ويتوحد سعياً للكمال.أما الأول فيعتقد بكماله وهو - وإن توحد مع نفسه- فإنهُ إلى نقائصهِ يسير في ليلٍ ديجورٍ لا يبصرُ فيه جادة توصلهُ إلى النهاية!
لم أُعقب على كلام ظلي، واكتفيتُ بالصمت والنظر لهذا الجدار الصامت:كيف استطاع أن يوحد نفسهُ بكل هذه المكونات، دون أن يتخلى عن شيء من نقوشه؟ مستغرباً من عاقلٍ "عقل الإنسان" يعجزُ عن ذلك!
أهو العقل؟ قلتُ ذلك في نفسي، وأجابني ظلي:لا أعلم.
وأنا كذلك لا أعلم كيف سمع ظلي حواري مع نفسي؟
السيد أحمد رضا حسن
نُشرت في صحيفة الوسط البحرينية...
تعليقات
إرسال تعليق