مدينة الحلم.. هكذا تصنع الأمم مستقبلها

by: Ahmed Abdo

* سيد أحمد رضا
«الكمبيوترات الصغيرة، الهندسة الوراثية، التكنولوجيا الحيوية، تكنولوجيا المعلومات، وتكنولوجيا الفيتو والنانو، كيف يمكن للدول النامية أن تستوعب تكنولوجيات التحول الاقتصادي بدون مؤسسات علمية قوية؟ هل العالم النامي دائماً عليه أن ينتظر عقوداً قبل المشاركة في العلم والتكنولوجيا العالمية؟ هل باستطاعة الأمم أن تصبح جزءاً من العالم الحديث بدون أن تفقد هويتها الدينية والثقافية؟»
تساؤلات يثيرها العالم والعبقري المصري أحمد زويل صاحب نوبل في الكيمياء، ويجب عليها في إحدى محاضراته، إلا أننا معنيون في هذا المقال بإجابته عن هذه الأسئلة بشكل تطبيقي عبر إنشاء «مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا» التي أُسست في العام 2000 بعد نيله الجائزة.
تعتبر مدينة زويل مشروعا نهضوياً أرادهُ زويل لخلق «مجتمع قائم على المعرفة» هذا الحلم الذي راودهُ طويلاً لم يتردد في تحقيقه بعد أن نال جائزة نوبل، فعاد إلى مصر ليحقق بجهوده حلما لا تزال الدول والمؤسسات عاجزة عن تحقيقه في كل الوطن العربي!
تضم هذه المدينة العديد من العلماء العرب والأجانب، كما يحتوي مجلس إدارتها على ستة علماء حائزين على جائزة نوبل، وقد صممت المدينة لتحقيق المشاركة الفعالية في العلوم، وللنهوض بالتكنولوجيا المصرية إلى المستوى العالمي. وتقوم هذه المدينة على ثلاث أساسيات: أولها الجامعة التي ترتكز على أحدث ما توصلت له الدراسات. وثانيها المعاهد البحثية المتميزة في مجالات البحث والتطوير. وثالثها «هرم التكنولوجيا» حيثُ يتم التصنيع التكنولوجي الناتج عن الدراسات والبحوث.
يعتبر زويل أن هذه الأساسيات مهمة في النهضة المرجوة، كونهُ لا يرى بأن الجامعة وحدها تستطيع تحقيق نهضة متكاملة، وهذا ما يشاع اليوم في منطقتنا، حيثُ الجامعات التجارية «المتكاثرة» التي يهمها أن تتحول إلى كومة دنانير لتنال شهادتك!
فنجد بأن هناك علاقة عكسية فيما يتعلق بازدياد الجامعات مقابل ندرة أو عدم وجود المراكز البحثية، والمنشآت المسؤولة عن تحويل الدراسات والأبحاث إلى نتائج يستفاد منها على الأرض، سواء في المجالات التكنولوجية أو الطبية أو غيرها. وبذلك نبقى في حاجة إلى الاستهلاك، والاستعانة بالخارج دون أن نكون شركاء في كتابة هذا الفصل من تاريخ الإنسانية، بالرغم من الفصل العظيم الذي كُتب سابقاً عبر ما انجزه العلماء العرب والمسلمون في القرون السالفة.
نعود للعالم زويل لنقول بأنهُ استطاع أن ينجز ما لم تستطعهُ دول، ونقتبس هذا الإيضاح من إحدى محاضراته حيثُ يقول «إن نقص القاعدة العلمية والتكنولوجية في أي دولة ليس دائماً ناتجاً عن فقر المصادر أو الثروة البشرية، لكنها أحياناً تنبع من غياب الإرادة في تقدير الدور الحيوي الذي تلعبه العلوم والتكنولوجيا في التنمية، فضلاً عن عدم وجود سياسة واضحة للتعرف على الاحتياجات القومية الحقيقية».
إن مدينة زويل تأتي كضوء من الأمل؛ ضوء قد يسيرُ بنا باتجاه مسيرة العالم المتقدم، ذلك الذي يخوض غمار كل شيء، بحثاً عن كل شيء، حتى أضحى علماء الفيزياء ينشدون الوصول إلى نظرية «كل شيء»!

صحيفة الأيام البحرينية، 14 فبراير 2014
http://www.alayam.com/writers/11407

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العتمة الموحشة!

"لوسي" وخرافة عقل الإنسان

العقل المتقدم والآخر المتحيون!