البحث عن كوكب آخر

من اليمين: صورة تخيلية لتلسكوب كبلر، وصورة للمهاجرين!

* سيد أحمد رضا
قد يبدو الأمر ترفياً.. فما معنى أن تبحث أممٌ عن كواكب أخرى مشابهة للأرض، أو صالحة للحياة، وبتكاليف باهظة جداً، في الوقت الذي يموت فيه المئات من المهاجرين على شواطئ جزيرة لامبيدوزا؟
يحاول هؤلاء المهاجرون الوصول إلى عالم أفضل؛ عالم خالٍ من الصراع، والجوع، والفقر. عالم يفترضه هؤلاء كجنة عدن... أما أولئك الباحثون عن كوكب آخر، فهم وإن تعددت أهدافهم وطموحاتهم، فإنهم يشتركون مع المهاجرين في قضية جوهرية واحدة؛ وهي النجاة بالنفس من مصير سيئ!
لكن هل هو ترفٌ هذا الفارق بين من يبحث عن النجاة على كوكب الأرض، وبين من يبحث عن ذلك في رحاب الكون؟ للقارئ الحكم في ذلك.. إلا أن الحقيقة أن هناك من يبحث بالفعل عن كوكب آخر، وتتعدد أهداف البحث، إلا أنها لا تخلو من رغبة في التحقق من إمكانية وجود حياة أخرى في الكون، ودراسة نشأة كوكبنا وبداية تكونه، بالإضافة لإمكانية استيطان البشر على كوكب آخر غيره!
يبحث علم الكواكب الخارجية الموجودة خارج نطاق منظومتنا الشمسية، عن كواكب شبيهة بالأرض تدور حول نجوم شبيهة بالشمس، وقد عمل تلسكوب «كبلر» التابع لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» على ذلك طوال سنوات خدمته، حاصداً ألوفاً من الكواكب الشبيهة بالأرض في نطاق مجرتنا وحدها - مجرتنا لا تعدو كونها مجرة من بين تريليونات المجارات في هذا الكون الهائل، تخيل ما يعنيه ذلك؟ - وقد عمل كبلر على استكشاف الكواكب التي تدور في فلك نجوم موجودة في منطقة نطاق الحياة، والتي تحتوي على درجات حرارة، وأجواء تسمح بوجود مياه سائلة على سطح كواكبها، ما يعني احتمالية توافر أحد العناصر الرئيسية للحياة...
وبناء على وفرة الكواكب الشبيهة بالأرض في مجرة درب التبانة، يقول أحد المشتغلين بعلوم الفلك، وهو دريك دمينج «إذا كانت الكواكب ذات التركيب المشابه للأرض ليست نادرة في مجرة درب التبانة... فمن الممكن العثور على كوكب قريب منا بالمعايير الكونية» ولهذا نحنُ نسمع في كل فترة عن خبر اكتشاف كوكب شبيه بالأرض، أو كما تحمل عناوين الأخبار «توأم الأرض».
مثل هذه الخطوات - أعني البحث عن شبيه، أو بديل - نادى بها العلماء منذُ زمن بعيد، بل أن هناك من تنبأ بمستقبل قائم على هجرة البشر، كما فعل العالم البريطاني ديسموند بيرنال عام 1929 والذي تصور بأن «الجزء الأكبر من الجنس البشري سيغادر هذا الكوكب ويذهب للحياة بحرية في مستعمرات لا حصر لها، تطفو وتنتشر في الفضاء الخارجي» كما ينقل فريمان دايسون في كتابه «العالِم متمرداً». أما استيفن هوكنغ فقال «إن إرسال الإنسان إلى الكواكب الأخرى سوف يحدد شكل مستقبل الجنس البشري بطرق لم نفهمها بعد، وقد يحدد ما إذا كان لدينا مستقبل أم لا»!

صحيفة الأيام البحرينية، 12 يونيو 2014
http://www.alayam.com/writers/12829

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العتمة الموحشة!

"لوسي" وخرافة عقل الإنسان

العقل المتقدم والآخر المتحيون!