لماذا لا يحدث ذلك؟

للأسف لم أجد مصور، أو مصمم هذه الصورة لأكتب اسمه

* سيد أحمد رضا
«التكرار يعلم الحمار» أو «حتى الحمار يتعلم» عبارات لطالما سمعناها أو قلناها.. وفي الحقيقة البشر يتعلمون كذلك! ما الجديد؟ الأمر لا يتعلق بجديد، فحين نقول هذه العبارات، فإنما نقولها لأشخاص نشعر بعدم استجابتهم لما تعلموه، ولكن هل هؤلاء أغبياء لهذه الدرجة؟ أعتقد بأن الأمر ليس كذلك، وإنما هو عائد لما يرغب الآخر في فعله، فإن كان راغباً لما يتعلمه عرفه، وإن كان العكس، فإنه لن يستجيب، وإن استجاب فإنما للعبور إلى مرحلة اخرى ليس إلا... لذلك البشر يتعلمون، ولكن، يتعلمون ما يحبون، وما هم يرغبون، وما يشعرون بأنهم فيه سيبدعون!
لا أتحدث هنا ضمن ما يسمى بـ «التطوير الذاتي» وكثيرٌ منهُ أوهام، بل أتحدث عن تعليم الإنسان، وبالتأكيد فإن القضية لا تنحصر بالتعليم التقليدي، أو الأكاديمي، ولا هي منحصرة بالتفوق، فمن حق الجميع أن يتعلم، وأن يختار ما يحب، وما يفضل من وسائل تعليمية!
منذُ أدرك الإنسان في العصور الغابرة فائدة الحجارة، استخدمها لتصنيع الأدوات التي تساعده على تقطيع فرائسه. كانت العملية في بدايتها عشوائية، لكن مع تقدمه في هذا المجال، صار يعتمد على «علم» بسيط يرشده للحجارة المناسبة، ثم لطريقة ضرب الحجرة بالأخرى لإنتاج أدوات التقطيع، والصيد. لقد تطور الإنسان على مدى آلاف السنين حتى استطاع أن يربط كل هذا العالم ببعضه البعض عبر الإنترنت... كل ذلك قائم على العلم، والتعلم، والبحث.
تُشكل العلوم والتكنولوجيا مصدراً هاماً في اقتصاديات العديد من الدول، لهذا نجد بأن هذه الدول تعتني وتهتم بالبحث العلمي، فترصد لهُ الميزانيات المعتبرة، وتعمل على تطويره، وتطوير الكوادر البشرية التي تساهم بدورها في الارتقاء به.. ولا داعي لتكرار الكلام المستهل حول مخصصات البحث العلمي في الدول العربية، والذي يكرر في كل مناسبة، بنسب مختلفة تصدر بين فترة وأخرى، وتؤكد على أننا لا نزال متغافلين عن الالتفات لهذه القضية!
نحنُ بالفعل بحاجة إلى ثورة علمية، ثورة يشترك فيها الجميع، خاصة عندما نعي أهمية العلم، والاختراع، والتكنولوجيا، والتعلم في حياتنا اليومية، فطوال الأربعة والعشرين ساعة التي يعيشها الفرد خلال يومه، يعتمد فيها على العلم وقرائنه، فالكهرباء، والمكيف، والإضاءة، والهاتف، والتلفاز، والصحة، وأفران الطهي، والتنقل.. إلخ، كل ذلك قائم على العلم، ونتائج البحث العلمي، والاختراع، والإبداع، لذلك يشكل العلم ضرورة للإنسان على مدى حياته، منذُ الميلاد، إلى ما قبل الوفات «كما في الحالات التي يتدخل فيها الطب للحؤول دون ذلك». هذا على مستوى الفرد، فكيف به على مستوى الدولة التي تتجه للنهوض بالعلم والعلماء، والبحث العلمي؟
وعودة على ما بدأت به حول قابلية التعلم لدى الإنسان، فقد أكون متطفلاً في الحديث عن ما سأتحدث عنه الآن، ولكن لماذا لا يتم الخروج عن الصورة التعليمة التقليدية المملة؟ لماذا لا نتعلم في الوقت الذي نتفاعل مع ما تعلمناه؟ لماذا لا نتحرر قليلاً من نظم التعليم النظرية، إلى فضاءات التجربة، والممارسة، والتطبيق؟ قبل أيام وأنا اقرأ في بعض مقالات مجلة النيتشر، وجدت مقالاً لشخص يدعى جون باروك، ينتقد فيه خطة أعدتها بلده إنجلترا «لعدم احتساب درجات الجانب العملي للعلوم والواجبات المعملية في النتيجة النهائية للامتحانات» وهذا ما ينتقده باروك في مقابل توجه العديد من الدول، خاصة الصين، نحو إضافة المزيد من الجوانب العملية للعلوم في نظامها التعليمي. يقول جون «إن الجوانب العملية للعلوم تنطوي على أكثر من مجرد التدريب العملي عليها. فهي تدفع الطلاب إلى فهم الواقع، وابتكار طرق لاختبار مدى فهمهم له». وبالنسبة لي، لا أتذكر من المرحلة الابتدائية غير أنيّ تعلمت في مادة «الأسرية» كيف أقلي البيض، والحمد لله أُتقن ذلك الآن!

صحيفة الأيام البحرينية، 28 مايو 2014
http://www.alayam.com/writers/12627

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العتمة الموحشة!

"لوسي" وخرافة عقل الإنسان

العقل المتقدم والآخر المتحيون!